(٢) والحاصل أنهم قرعوا هذه المسألة على الإجارة الفاسدة فلا يمكن أن يراد بكلامهم الإجارة على الزنا لأنها باطلة قطعًا بل المراد الإجارة على غير الزنا كطبخ الخبز مثلاً بشرط أن يزني بها أيضًا، فهذا إجارة فاسدة لفساد الشرط ويوضح ذلك أنهم كلهم بنوا كلامهم على الإجارة الفاسدة، ففي شرح الوقاية: الشرط يفسدها (أي الإجارة) والمراد شرط يفسد البيع (وفيها أجر المثل لا يزاد على المسمى) وفي حاشية الجلبي قوله فيها أجر المثل أي يجب أجره حتى إن ما أخذت الزانية إن كان بعقد الإجارة فحلال عند الإمام الأعظم لأن أجر المثل طيب وإن كان السبب حرامًا، وحرام عندهما، وإن كان بغير عقد فحرام اتفاقًا لأنها أخذته بغير حق، انتهى، فقوله حتى إن ما أخذته صريح في أن المسألة متفرعة على الإجارة الفاسدة وفي الدر المختار الفاسد من العقود ما كان مشروعًا بأصله دون وصفه والباطل ما ليس مشروعًا أصلاً لا بأصله ولا بوصفه وحكم الفاسد وجوب أجر المثل بالاستعمال لو كان المسمى معلومًا بخلاف الباطل فإنه لا أجر فيه بالاستعمال قال ابن عابدين قوله وجوب أجر المثل أي أجر شخص مماثل له في ذلك العمل وفي غرر الأفكار عن المحيط ما أخذته الزانية، إن كان بعقد الإجارة فحلال عند أبي حنيفة لأن أجر المثل في الإجارة الفاسدة طيب، وإن كان الكسب حرامًا، وحرام عندهما، وإن كان بغير عقد فحرام اتفاقًا، انتهى، فقوله لأن أجر المثل في الإجارة الفاسدة أصرح دليل على أن المسألة في الإجارة الفاسدة لا الباطلة وأصرح من ذلك كله أنهم عدوا مهر البغي من السحت كما في كتاب الحظر من الشامي.