للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو بمعنى إلى أن أو إلا أن وإن كان بمعنى الاختيار والرضاء، كما فسره المؤلف بعد ذلك، فهو عطف على يتفرقا وداخل تحت النفي ووجه إرادة التفرق بالأقوال لا بالأبدان، إن سائر العقود تمامها بالإيجاب والقبول فكيف يفرق بينها وبين البيوع، فأما أن يقال بزيادة أركان عقد البيع ويثبت له سوى الإيجاب والقبول ركن ولا قائل به، أو يسلم أن لا انتظار بعدهما في إتمام العقد فلا معنى للحديث إلا ما قلنا: ولو سلم ما أرادوا من أن المراد التفرق (١) بالأبدان فهذا الأمر استحباب، قوله [وهو أعلم بمعنى الرواية] هذا غير مسلم، فإن فهم الراوي (٢) ليس بحجة لقوله صلى الله عليه وسلم فرب مبلغ أوعى له من سامع والجواب (٣) عما يقال أن


(١) والأوجه عندي أنه إذا أريد به التفرق بالأبدان، فالمعنى أنه لا يجوز القبول بالإيجاب بعد تفرق الأبدان، بل يبطل الإيجاب بتفرق المجلس، ثم رأيت الطحاوي حكى هذا المعنى عن عيسى بن إبان والإمام أبي يوسف، فلله الحمد.
(٢) وله نظائر كثيرة، فقد ردت عائشة فهم ابن عمر في عذاب الميت ببكاء الحي، ورد عمر فهم فاطمة بنت قيس في نفقة المبتوتة، ورد ابن عباس فهم أبي هريرة في الوضوء مما مست النار، هكذا أفاده في تقريره مولانا رضي الحسن المرحوم مع زيادة الأمثلة.
(٣) وأجاب عنه الطحاوي بأن فعل ابن عمر يجوز أن يكون لما أشكلت الفرقة في الحديث ما هي هل الفرقة بالأبدان على ما ذكروه أو الفرقة بالأبدان على ما قال عيسى بن أبان أو الفرقة بالأقوال على ما قال محمد ولم يحضره دليل يدله أنه بأحدها أولى منه بما سواه ففارقه احتياطًا، ويحتمل أيضًا أن يكون فعل ذلك لأن بعض الناس يرى أن البيع لا يتم بذلك وهو يرى أن البيع يتم بغيره فأراد أن يتم البيع في قوله وقول مخالفه، وقد روى عنه ما يدل أن رأيه في الفرقة كان بخلاف ما ذهب إليه من ذهب إلى أن البيع يتم بها، ثم ذكر بسنده عنه أنه قال ما أدركت الصفقة حيًا فهو من مال المبتاع قال: فهذا ابن عمر كان يذهب فيما أدركت الصفقة حيًا فهلك بعدها أنه من مال المشتري، فدل ذلك أنه كان يرى أن البيع يتم بالأقوال قبل الفرقة التي تكون بعد ذلك، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>