(٢) قال الخطابي هذا الحديث يعد مخالفًا في الظاهر حديث هند (أي امرأة أبي سفيان) وليس بينهما في الحقيقة خلاف وذلك لأن الخائن هو الذي يأخذ ما ليس له أخذه ظلمًا فأما من كان مأذونًا في أخذ حقه من مال خصمه فليس بخائن، والمعنى لا تخن من خانك بأن تقابله بخيانة مثل خيانته وكان مالك يقول إذا أودع رجل رجلاً ألف درهم فجحده ثم أودعه الجاحد ألفًا لم يجز له أن يجحده قال ابن القاسم أظنه ذهب إلى هذا الحديث، وقال أصحاب الرأي يسعه أن يأخذ ألفًا قصاصًا عن حقه ولو كان بدله حنطة أو شعير لم يجز له ذلك فإن هذا بيع، وقال الشافعي يسعه أن يأخذ عن حقه في الوجهين لحديث هند، وقال الحافظ استدل بحديث هند على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله بقدر حقه بغير الإذن، وهو قول الشافعي وجماعة وتسمى مسألة الظفر، والراجح عندهم لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه وعن أبي حنيفة المنع وعنه يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير الجنس إلا أحد النقدين بدل الآخر وعن مالك ثلاث روايات كهذه الآراء وعن أحمد المنع مطلقًا، هكذا في البذل.