للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأبيك، فكان قوله هذا دفعًا لضرر الامتناع عن تملك ما وهبوا لأبنائهم فإنهم لما نظروا إلى ظاهر قوله، العائد في هبته كالكلب، فلعلهم أن يستنكفوا ويأنفوا عما وهبوه الأبناء فأزال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الأنفة بأن أورده بلفظ الاستثناء كأنه جوز لهم تملك ما ملكته الأبناء ولو كان ذلك رجوعًا في الهبة، قوله [مثل السوء] يصح بفتح وضم للسين، قوله [كالكلب يعود في قيئه] ومن عادته أنه إذا أكثر من أكل شيء ذهب فأدخل في حلقه شيئًا من النباتات فقاء وجعله محفوظًا ثم إذا اشتهى أكل منه والتشبيه في كونه مكروهًا طبيعيًا وفيه دلالة على جواز العود إذ لا شك أن الكلب ينتفع بفعله هذا ويحصل له شبع بما قاء أولاً فكذلك العائد في الهبة لا يحرم من التملك وإن لم تخل فعلته تلك من كراهة.

قوله [وهو قول الثوري إلخ] وذلك لأن الرواية المذكورة من قبل لم تخل عن إشارة ما إلى جواز العود في الهبة مطلقًا ثم خصص الرواية الثانية، وهو قوله عليه الصلاة والسلام الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها وقوله عليه الصلاة والسلام إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها خصص منها هبة عوض منها وهبة لذي رحم فبقى الباقي (١) على عمومه وهو جواز العود (٢) في الهبة ومعنى قوله [والعمل على هذا عند أهل العلم إلخ] أنهم عملوا على هذا الحديث المار من قبل مع ملاحظة للروايات الآخر لا أنهم قصروا نظرهم على هذه الرواية فقط حتى يتوهم أن ما ذكره منهم ليس بمستنبط عن هذه الرواية صراحة ولا إشارة فكيف قال: والعمل على هذا إلخ.


(١) أي غير الهبتين المذكورتين وما في معناهما فإن الرجوع عند الإمام لا يجوز في سبعة مواضع جمعها قولهم دمع خزقه.
(٢) وبه قالت الحنفية بشرط التراضي أو قضاء القاضي كما في الكفاية وتكملة فتح القدير وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>