للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذهب يجوزه في الحكم بدينه كما ذهب بدنياه.

قوله [فله أجر] هو أجر الاجتهاد والسعي في طلب الإصابة وأنت تعلم أن الروايات مختلفة في باب القضاء فمنها ما هي باعثة عليها ومنها ما هي مشيرة إلى ترك الوقوع فيه فأما أن (١) يقال الأمر لأهله والنهي لغير أهله وهذا أولى أو يقال الأمر لما فيه من المثوبات العظيمة والنهي لما فيه من المخاوف الخطيرة فمن


(١) قال صاحب الهداية، يكره الدخول فيه لمن خاف العجز عنه ولا يأمن على نفسه الحيف فيه كي لا يصير شرطًا لمباشرته القبيح وكره بعضهم الدخول فيه مختارًا لقوله صلى الله عليه وسلم من جعل على القضاء فكأنما ذبح بغير سكين والصحيح أن الدخول فيه رخصة طمعًا في إقامة العدل، والترك عزيمة، فلعله يخطئ ظنه ولا يوفق له أولاً يعينه عليه غيره إلا إذا كان هو أهلاً للقضاء دون غيره فحينئذ يفترض عليه التقلد صيانة لحقوق العباد، قال صاحب العناية: كره بعض العلماء أو بعض السلف الدخول فيه مختارًا سواء وثقوا بأنفسهم أو خافوا عليها وفسر الكراهة بعدم الجواز، قال الصدر الشهيد: ومنهم من قال لا يجوز الدخول فيه إلا مكرهًا ألا ترى أن أبا حنيفة دعى إليه ثلاث مرات فأبى حتى ضرب في كل مرة، ووجه تشبيه القضاء بالذبح بغير سكين أن السكين تؤثر في الظاهر والباطن جميعًا، والذبح بغيره يؤثر في الباطن بإزهاق الروح ولا يؤثر في الظاهر ووبال القضاء لا يؤثر في الظاهر فإن ظاهره وجاه وعظمة لكن في باطنه هلاك، وكان شمس الأئمة الحلواني يقول: لا ينبغي لأحد أن يزدري هذا اللفظ كي لا يصيبه ما أصاب قاضيًا روى له هذا الحديث فازدراه، وقال كيف يكون هذا ثم دعا في مجلسه بمن يسوي شعره فجعل الحلاق يحلق بعض الشعر من تحت ذقنه إذ عطس القاضي فأصابه الموسى وألقى رأسه بين يديه انتهى، مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>