للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [خير غلامًا بين أبيه وأمه] اعلم أن مذهب الإمام في الولد أنه يتبع خير الأبوين دينا لو اختلفا (١) دينا وإن كانا مسلمين فللأم حق الحضانة حتى يستغني عنها ثم للأب حق التربية حتى يستغني عنه بالبلوغ ثم يخير بعد ذلك وأما حديث أبي هريرة فهو بيان وقعة فلا بد أن يخص فلا يثبت به العموم في الاستحقاق حتى يكون المرجع هو التخيير فأما أن يقال كان الغلام قد ناهز الاحتلام أو يقال أن أباه كان كافرًا فخيره بينهما ودعا له اللهم أهده فخير الولد لئلا يطعنوا بالظلم فإن النبي صلى الله عليه وسلم لو قال إنه لا يستحق الأب لقال أبوه في معشر الكفار، إن محمدًا أظلمني وأخذ ولدي ظلمًا وكان فيه من المفاسد ما لا يخفى فأظهر التخيير فلما ظهر من الولد ميل إلى الأب وعار به فقال اللهم أهده وقد ثبت مثلما قلنا في الرواية الصحيحة فلا ضير في حمل هذا الحديث على تلك القضية، والجواب الثاني الذي قد سبق أنه كان مراهقًا غير بعيد أيضًا لأنه ورد في هذه الرواية أنه كان يأتي بالماء


(١) هذا محل تنقير لأن ما في الفروع يدل على أنه لا فرق في حق الحضانة بين المسلمة والكافرة ففي الهداية الذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو يخاف أن يألف الكفر للنظر قبل ذلك واحتمال الضرر بعده ولا خيار للغلام والجارية، وقال الشافعي لهما الخيار لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير ولنا أنه لقصور عقله يختار من عنده الدعة لتخليته بينه وبين اللعب فلا يتحقق النظر وقد صح أن الصحابة لم يخيروا، وأما الحديث فقلنا قال صلى الله عليه وسلم اللهم أهده فوفق لاختياره الأنظر بدعائه عليه السلام أو يحمل على ما إذا كان بالغًا، انتهى، وحديث جد عبد الحميد أخرجه أبو داؤد وغيره وقال صاحب النيل: استدل به على ثبوت الحضانة للأم الكافرة لأن التخيير دليل ثبوت الحق وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه وابن القاسم وأبو ثور وذهب الجمهور إلى أنه لا حضانة للكافرة على ولدها المسلم، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>