لو كان المستهلك مثليًا وإلا فالقيمة، وهذا حجة للأحناف فيما ذهبوا إليه من أن المغصوب إذا تعيب بحيث فات معظم مقصوده منه كان على الغاصب مثله للمغصوب منه لو كان مثليًا وقيمته لو كان قيميًا وملك الغاصب ذلك المعيب بأداء الضمان إلى المغصوب منه كيف لا، وقد ورد في الرواية الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها آنية سالمة من بيت عائشة وأخذ كسرات المكسورة فلم يردها إلى التي كسرت قصعتها ولو كان الغاصب لا يملك المغصوب المعيب بأداء الضمان إلى المغصوب منه لما تركها في بيت عائشة وكثيرًا ما ينتفع بأجزاء الإناء في منافع ويصلح المكسور وإن لم يشعب (١) فنفس بقاء ملك الغير في بيتها رضي الله تعالى عنها مستبعد جدًا ومما يدل عليه أن الباء للمقابلة فكان جميع ما قوبل بالإناء المكسور هو الإناء السالم فقط لا شيء من أجزاء المكسور وقوله صلى الله عليه وسلم طعام بطعام بيان لمسألة أخرى مناسبة للقضية ولم يكن ضاع الطعام ههنا ولو ضاع لكان من ضمانه للنبي صلى الله عليه وسلم لما كان قد وصل إليه.
قوله [استعار قصعة] هذا غلط من الرواة كما صرح به المؤلف بعد، إلا أن له وجها لو حمل على المجاز فإن القصعة في القصة المذكورة لم تك إلا كالعارية لعدم دخولها في الهدية لأن المهدي لم يكن إلا الطعام إلا أنه يشكل على هذا أداء الضمان فإن العارية لا تضمن ويجاب بأن العارية تضمن بالاستهلاك كما وقع ههنا ولو من غير المستعير.
(١) قال المجد الشعب كالمنع الجمع والتفريق والإصلاح والإفساد انتهى، قلت: والمراد ههنا الجمع والإصلاح.