للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك ويجمع بأن الوجوب (١) نسخ بعد ما كان أولاً وبقى الاستحباب فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ أولاً وجوبًا ثم بعد ذلك كان يتوضأ استحبابًا لما أنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب على ما وجب عليه ثم نسخ فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي خمسين ركعة في اليوم والليلة كما فرض عليه أولاً وغير ذلك من النظائر التي فيها كثرة، والله أعلم.

[قوله وقد كان بعض أهل العلم يرى الوضوء لكل صلاة] استحبابًا يعني بذلك (٢) أن بعض هؤلاء صرح في كلامه بذلك مما وجدنا كلماتهم وإلا فهذا مذهب العلماء كافة.

[قوله مشرقي] لم يرد بذلك تضعيف الإسناد (٣) والاعتراض عليه فإن المشرقية لا تعتمد ذلك وإنما أراد بذلك بيان الحال من أنه لم يرو من أهل المدينة


(١) كما هو مصرح في حديث أبي داؤد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة فلما شق عليه أمر بالسواك.
(٢) قلت: ما أفاده حضرة الشيخ ظاهر ويحتمل عندي وجهًا آخر قال ابن العربي: اختلف العلماء في تجديد الوضوء لكل صلاة فمنهم من قال يجدد إذا صلى أو فعل فعلاً يفتقر إلى الطهارة وهم الأكثرون ومنهم من قال يجدد وإن لم يفعل فعلاً يفتقر إلى الطهارة وذلك مروى عن سعد بن أبي وقاص وعن ابن عمر وغيرهما، انتهى، فيحتمل عندي أن المصنف أشار إلى هذا القول الثاني الذي هو مذهب البعض، ثم لا يذهب عليك أن عمرو بن عامر الأنصاري الراوي عن أنس في حديث الباب لا إشكال فيه في رواية الترمذي ووصفه في أبي داؤد بالبجلي وهو مشكل كما بسطه شراح أبي داؤد.
(٣) قلت: ولا بعد في أن المصنف أشار بذلك إلى التضعيف فإن المنقول عن إمامه الشافعي كل حديث لا يوجد له أصل في حديث الحجازيين واه وعد الحازمي في وجوه ترجيح الرواية أن يكون أحد الحديثين حجازيًا وإسناد الآخر شاميًا أو عراقيًا وإن كان للمخالف فيه مجال وسيع للكلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>