الحاشية ويمكن أن يكون معناه ولكن الله يذهب ما حاك في القلب من الوسوسة في ارتكابه، قوله [هذا عندي من قول عبد الله إلخ] وإنما احتاج إلى جعله قول ابن مسعود لما فيه من اعتراف المتكلم بوجدان شيء منه في قلبه مع أن الأنبياء براء من ذلك أصلاً، وأما إن كان من قوله صلى الله عليه وسلم فهو بيان منه لحال أمته وليس بداخل فيه بنفسه.
قوله [لا عدوى ولا طيرة] نفى العدوي في الأول نفي التأثير والاستقلال والذي يليه من نفي الطيرة منفي من الأصل بحيث لا دخل له مطلقًا في وجود ما سيوجد أو عدم ما ينعدم إلا أنه أبرزهما في معرض واحد لما كانوا يزعمون من استقلال الأعداء، وأما كون الطيرة مؤثرًا فلم يكونوا قائلين به ولم يعرفوه إلا علامة عليه ولا يبعد أن يكون (١) نفى العدوى أيضًا نفيًا بالكلية ورأسًا لا نفي
(١) فالفرق بين هذا التوجيه والأول أن مقصود الكلام في التوجيه الأول كان نفي التأثير لكن الكلام صدر مورد الكلية، وفي هذا التوجيه مقصود الكلام فيه مطلقًا ردعًا لهم، وعلى كلا التوجهين فمختار الشيخ نفي التأثير لا نفي الأصل، وقال القارئ العدوي مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره وهو على ما يذهب إليه المتطببة في علل سبع الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية وقد اختلف العلماء في التأويل فمنهم من يقول المراد نفي ذلك وإبطاله على ما يدل عليه ظاهر الحديث وهم الأكثرون ومنهم من يقول إنما أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة فإنهم كانوا يرون العلل المعدية مؤثرة لا محالة، انتهى.