للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتعذر الحفر لكلهم، قوله [لا بل أن أنتم العكارون] هذا يحتمل (١) أن يكون تسلية لهم بأن ما وقع منكم لم يكن كبيرة وهذا إنما يصح إذا ثبت أن الأعداء كانوا زائدًا على ضعفيهم (٢) لكنه لم يصرح بأن فعلتكم هذه لم تكن شيئًا ولا داخلاً في حد الإثم لئلا يقبلوا على مثل ذلك ثانيًا ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لما رآهم ندموا على ما اجترموه ولا فائدة بعد ذلك في اللوم وطنهم (٣) بذلك القول لئلا يحزنوا وأغراهم على الكر.


(١) كتب الشيخ في تقرير أبي داؤد لا يخلو الفرار يومئذ أن يكون جائزًا لهم أو لا وعلى الأول فظاهر أنه لم يكونوا من فر فرارًا استحق الوعيد عليه وعلى الثاني فتوجيه إخراجهم عنهم أنهم لما ندموا سقط عنهم ذنبهم فلم يبق عليهم شيء وعلى الوجهين فصح تسلية النبي صلى الله عليه وسلم إياهم وإدخالهم في الاستثناء المذكورين في قوله تعالى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} ولا يترتب عليهم الجزاء المترتب على من يولهم يومئذ دبره انتهى، وقال شيخنا في البذل، اختلف أهل العلم في حكم هذه الآية فقال قوم هو لأهل بدر خاصة، لأنهم لم يكن لهم أن يتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عدوه وينهزموا عنه، وأما القوم فلهم الانهزام، وقال آخرون حكمها عام في كل من ولى الدبر عن العدو منهزمًا انتهى، مختصرًا.
(٢) أي على مثليهم وليس المراد أربعة أمثالهم، قال الراغب: الضعف متى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال ضعف العشرة فذلك عشرون وإذا لم يكن مضافًا فإن ذلك يجري مجرى الزوجين في أن كل واحد منهما بزواج الآخر فيقتضي ذلك اثنين.
(٣) قال المجد توطين النفس، تمهيدها وتوطنها تمهدها، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>