للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فقالوا ألا نأتيك بوضوء] أي الماء والظاهر أن المراد بالوضوء في السؤال، والجواب كليهما هو الوضوء الاصطلاحي ووجه الظهور قوله: إذا قمت إلى الصلاة فإن المأمور به عند ذلك هو الوضوء المصطلح دون الوضوء بمعنى النظافة وعلى هذا فمنشأ السؤال أن السائل لما علم من حال النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال على طهر ظن أن ذلك واجب عليه فسأل أن يأتيه بالوضوء فنفى النبي صلى الله عليه وسلم وجوبه بمقالته تلك، وهذا التوجيه وإن كان لا بأس به في بيان معنى الحديث غير أنه لا يوافق رأى المؤلف حيث أورده في هذه الأبواب واستنبط منه مسألة غسل اليد كما هو مصرح به فالذي يوافق رأيه في توجيه الرواية أن يقال أن السائل ظن أن غسل اليد قبل الأكل مما لا بد منه فسأل إتيان الماء لغسل اليد فرد النبي صلى الله عليه وسلم زعمه هذا بنفي الوجوب عن جملة أنواعه سواء كان بالمعنى المصطلح أو الغير الاصطلاحي في في غير وقت القيام إلى الصلاة ففيه بيان لما كان السائل مخطئًا فيه مع الفائدة الزائدة وهي أنه ليس شيء من الوضوء واجبًا في غير وقت القيام إلى الصلاة ويمكن توجيه الكلام بحيث يراد بالوضوء في السؤال والجواب كليهما الوضوء العرفي ولا ينافي مقصود المؤلف أيضًا، وهو أن يقال إن السائل ظن وجوب الوضوء العرفي قبل الطعام فقصره النبي صلى الله عليه وسلم على قيام الصلاة فلا يجب الوضوء العرفي في وقت إلا وقت القيام إلى الصلاة ولا ينافيه وجوب شيء آخر مع الوضوء العرفي وهو غسل بقية أعضاء الطهارة فأفهم وبالله التوفيق، ثم لما نفى النبي صلى الله عليه وسلم الماء في الجواب علم أنه لم يمس ماء وبذلك يعلم أن غسل الأيدي قبل الطعام لا يجب وذهب الثوري إلى الكراهة بظاهر الحديث حيث أنكر الغسل ونفى الوجوب وأنت تعلم أن نفي الوجوب لا يقتضي الكراهة، وأما أنه هل يستحب أم لا فالنص عنه ساكت ويتفحص من نصوص أخر وردت في ذلك وإن كانت ضعافًا فإنها باجتماعها حصلت نوعًا من القوة، وأما ما يتوهم من أن الضعاف من الروايات تقبل في فضائل الأعمال -وههنا كذلك- فإن الثابت بالحديث ليس إلا بركة الغسل وهي؟ ؟ ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>