للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم بالرسالة، فإن الله سبحانه يمن على من يشاء من عباده بما شاء ويصطفي منهم من أراد؛ ليخرج به الناس من الظلمات إلى النور ومثل هذا في القرآن كثير. وإن أريد به أن الرسول ليس بشرا أصلا أو أنه بشر لكنه لا يماثل البشر في جنس صفاتهم فهذا باطل يكذبه الواقع وكفر صريح؛ لمناقضته لما صرح به القرآن من إثبات بشريتهم ومماثلتهم للبشر فيما عدى ما اختصهم الله به من الوحي والنبوة والرسالة والمعجزات.

وعلى كل حال لا يصح إطلاق هذه الكلمة نفيا ولا إثباتا إلا مع التفصيل والبيان لما فيها من اللبس والإجمال؛ ولذا لم يطلقها القرآن إثباتا إلا مع بيان ما خص به رسله كما في الآيات المتقدمة، كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} (١) {الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} (٢) وكما يخشى من التعبير بمماثلتهم للبشر بإطلاق انتقاص الرسل والتذرع إلى إنكار رسالتهم يخشى من النفي للمماثلة بإطلاق الغلو في الرسل وتجاوز الحد بهم إلى ما ليس من شأنهم، بل من شؤون الله سبحانه، فالذي ينبغي للمسلم التفصيل والبيان


(١) سورة فصلت الآية ٦
(٢) سورة فصلت الآية ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>