للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للحرج عنهم، وأما ما يروى في ذلك من رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- زينب من وراء الستار، وأنها وقعت من قلبه موقعا بليغا، ففتن بها وعشقها وعلم بذلك زيد فكرهها وآثر النبي -صلى الله عليه وسلم- بها فطلقها ليتزوجها بعده- فكله لم يثبت من طريق صحيح، والأنبياء أعظم شأنا، وأعف نفسا، وأكرم أخلاقا، وأعلى منزلة وشرفا من أن يحصل منهم شيء من ذلك، ثم إن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو الذي خطبها لزيد -رضي الله عنه-، وهي ابنة عمته، فلو كانت نفسه متعلقة بها لاستأثر بها من أول الأمر، وخاصة أنها استنكفت أن تتزوج زيدا ولم ترض به حتى نزلت الآية فرضيت، وإنما هذا قضاء من الله وتدبير منه سبحانه؛ لإبطال عادات جاهلية، وللرحمة بالناس والتخفيف عنهم، كما قال تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} (١) {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} (٢) {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} (٣) {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (٤)


(١) سورة الأحزاب الآية ٣٧
(٢) سورة الأحزاب الآية ٣٨
(٣) سورة الأحزاب الآية ٣٩
(٤) سورة الأحزاب الآية ٤٠

<<  <  ج: ص:  >  >>