أخبرني بعض طلبة العلم أنه جاء إلى مكة المشرفة، ودرس بها كثيرا، وأنه قرأ عليه وزاد في مدحه والثناء عليه. ووافق هؤلاء القائلين بحرمة القات قول الفقيه العلامة حمزة الناشري، وهو ممن يعتمد عليه نقلا وإفتاء، كما يدل عليه ترجمة المذكور في (تاريخ الشمس السخاوي) في منظومته المشهورة، وقد أخبرني محدث مكة - شرفها الله - أنه قرأها على مؤلفها حمزة المذكور، وأجازه بها:
لاتأكلن القات رطبا ويابسا ... فذلك مضر داؤه فيه أعضلا
فقد قال أعلام من العلماء إن ... هذا حرام للتضرر مأكلا
ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن كل مسكر ومفتر، (١) » قال في النهاية ما معناه: إن المفتر ما يكون منه حرارة في الجسد وانكسار. وذلك معلوم ومشاهد في القات ومستعمليه كسائر المسكرات، وإن كان يحصل منها توهيم نشاط أو تحققه، فإن ذلك مما فضل من الانتشاء والسكر الحاصل من التخدير للجسد، وكذلك يحصل من الإكثار والإدمان على المسكر، حتى الخمر- خدر يخرج إلى الرعشة والفالج ويبس الدماغ، ودوام التغير للعقل، وغير ذلك من المضار. لكن القات لم يكن فيه من الطبع إلا ما هو مضرة دينية ودنيوية؛ لأن طبعه اليبس والبرد، فلا يصحبه شيء من الحرارة واللين، فلا يظهر الضرر
(١) سنن أبو داود الأشربة (٣٦٨٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٣٠٩) .