ج٤، ٥: إن عرفت أن ما أعطي لك هدية أو قدم لك طعاما لتأكل منه حرام بعينه فلا تأكل منه ولا تقبله هدية، وكذا الحكم إن كان كل كسبهم حراما، وإن لم يتميز ما كسبوه من حلال عما كسبوه من حرام ففي قبول الهدية منه أو تناوله طعاما في ضيافة ونحوها خلاف بين العلماء، فقيل: حرام مطلقا، وقيل: إن زاد ما فيه من الحرام عن الثلث فحرام الأكل منه وقبول هديته، وقيل: إن كان الحرام أكثر من الحلال حرم تناوله أكلا وقبوله هدية، وقيل: ليس بحرام مطلقا، فيقبل الهدية ممن كسبه ويأكل منه إن قدمه له طعاما، وهذا هو الظاهر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل من يهودية شاة مشوية وأكل منها، ولعموم قوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}(١) ومن المعروف أن اليهود والنصارى يأكلون الربا ولا يتحرون الكسب الحلال، بل يكسبون الحرام والحلال، وقد أذن الله في أكل طعامهم، وأكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقد روى جماعة من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن زر بن عبد الله عن ابن مسعود، أن رجلا سأله فقال: لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني، فقال: