الباب من العمار والزوار، أما بعد: فإن لنا ولكم في الحق منعة، فإن تك عاشقا مولعا أو فاجرا مقتحما أو زاعما حقا مبطلا هذا كتاب الله ينطق علينا وعليكم بالحق، إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون، ورسلنا يكتبون ما تكتمون، اتركوا صاحب كتابي هذا، وانطلقوا إلى عبدة الأصنام، وإلى من يزعم أن مع الله إلها آخر، لا إله إلا هو، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون، تغلبون، حم لا تنصرون، حم عسق، تفرق أعداء الله، وبلغت حجة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) .
قال أبو دجانة: فأدرجته وحملته إلى داري، وجعلته تحت رأسي، وبت ليلتي فما انتبهت إلا من صراخ صارخ يقول: يا أبا دجانة: أحرقتنا الكلمات، فبحق صاحبك لما رفعت عنا هذا الكتاب فلا عود في دارك، وقال غيره: ولا في آذاك ولا في جوارك، ولا في موضع يكون هذا الكتاب، قال أبو دجانة: فقلت: لا وحق صاحبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا رفعته حتى استأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو دجانة: فلقد طالت علي ليلتي بما سمعت من أنين الجن وصراخهم وبكائهم، حتى أصبحت فصليت الصبح مع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرته بما سمعته من الجن وما قلت لهم، فقال لي:(يا أبا دجانة: ارفع عن القوم فوالذي بعثني بالحق نبيا إنهم ليجدون ألم العذاب إلى يوم القيامة) رواه البيهقي