لا يذهب، وإذا لم يذهب فهل يتفق هذا مع الحديث سبعون ألف من أمتي يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون؟
وإذا أصيب الإنسان في إحدى عينيه أو كلتيهما فهل من الأفضل له الذهاب إلى الطبيب للعلاج، أو إجراء عملية، أم الأفضل أنه لا يذهب، وهل كونه لا يذهب موافقا للحديث:«من أخذت حبيبتيه فصبر عوضته الجنة» وإذا لم يكن موافقا للحديث فما المقصود بالحديث؟
ج ٢: يجوز للمرء العلاج بالأدوية المباحة، وذلك لا ينافي التوكل؛ لأنه من تعاطي الأسباب التي قد ينفع الله بها، وأما من استسلم للقضاء ورضي به وتلذذ بالبلاء وتوكل على المولى جل وعلا، تاركا الأسباب المشروعة كطلب الرقية والكي، فهو أفضل؛ لما في (الصحيحين) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه: «أن سبعين ألفا يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون (١) » ، والمراد: أنهم لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم، ولا أن يكويهم، بل يتوكلون على الله، ويعتمدون عليه في كشف ما بهم ودفع ما يضرهم، وإيصال ما به نفعهم، والمراد بـ (ولا يتطيرون) أي: لا يتشاءمون بزجر الطير ونحوها.
(١) صحيح البخاري الطب (٥٧٠٥) ، صحيح مسلم الإيمان (٢٢٠) ، سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٤٤٦) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٧١) .