للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك والده يسيء إليه كثيرا لا يرد عليه السلام إلا نادرا، ويضربه أحيانا أمام الناس لأدنى سبب، ولا يضرب أخاه الصغير ولو اشتدت إساءته، فهل يطالب من أساء إليه والداه بما يطالب به سائر الأبناء من البر والصلة، وهل يأثم بإثارة الخصومات مع أنه يجتهد في إبعاد الخصومات، وكثيرا ما يندم بعد وقوعها، ويتصدق عنهما دون شعور منهما، فهل يثابان بذلك ويثاب هو أيضا؟ وهل يخفف ذلك من ذنوبه، مع أن هذه الصدقة قليلة جدا؟

ج١: قد يكون الوالدان معذورين فيما حصل منهما، وقد يكون لديهما اعتبارات في التشديد على واحد من أولادهما دون آخر، ككونه أكبر سنا، وأرشد من غيره، فالغلط منه أشد، وكتأديبه ليستقيم فيكون قدوة لإخوانه الصغار، وعلى تقدير إساءتهما لا يجوز للولد أن يقابل سيئتهما بالسيئة، بل يقابلها بالحسنة؛ عملا بقوله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (١) والوالدان أولى بالإحسان من غيرهما؛ لقوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (٢) وقوله تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٣)


(١) سورة المؤمنون الآية ٩٦
(٢) سورة الإسراء الآية ٢٣
(٣) سورة العنكبوت الآية ٨

<<  <  ج: ص:  >  >>