وبيان ذلك أن للتأويل ثلاثة معان: الأول: مآل الشيء وحقيقته التي يؤول إليها، كما في قوله تعالى عن يوسف عليه السلام:{هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ}(١) أي حقيقتها التي آلت إليها وقوعا، وليس هذا مقصودا في النصوص المذكورة في السؤال الثاني التأويل بمعنى صرف الكلام عن معناه الظاهر المتبادر منه إلى معنى خفي بعيد لقرينة، وهذا المعنى هو المصطلح عليه عند علماء الكلام وأصول الفقه، وليس متحققا في النصوص المذكورة في السؤال، فإن ظاهرها مراد لم تصرف عنه؛ لأنه حق كما سيأتي شرحه في المعنى الأخير للتأويل الثالث التأويل بمعنى التفسير وهو شرح معنى الكلام بما يدل عليه ظاهره ويتبادر إلى ذهن سامعه الخبير بلغة العرب وهو المقصود هنا، فإن جملة الحجر الأسود يمين الله في الأرض ليس ظاهرها أن الحجر صفة لله وأنه يمينه حتى يصرف عنه، بل معناه الظاهر منه أنه كيمينه بدليل بقية الأثر وهو جملة فمن صافحه فكأنما صافح الله، ومن قبله فكأنما قبل يمين الله فمن ضم أول الأثر إلى آخره تبين له أن ظاهره مراد لم يصرف عنه وأنه حق، وهذا ما يقوله أئمة السلف كالإمام أحمد وغيره منهم، وهو تأويل بمعنى