أما السماع دون قصد ولا إصغاء؛ كسماع من يمشي في الطريق غناء آلات اللهو في الدكاكين، أو ما يمر به من السيارت، ومن يأتيه وهو في بيته صوت الغناء من بيوت جيرانه دون أن يستهويه ذلك - فهذا مغلوب على أمره لا إثم عليه، وعليه أن ينصح وينهى عن المنكر، بالحكمة والموعظة الحسنة، ويسعى في التخلص مما يمكنه التخلص منه، وسعه وفي حدود طاقته، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.
وقد جرى جماعة من العلماء على أن يستدلوا على مطلوبهم بالأدلة الصحيحة، ثم يتبعوا ذلك بأحاديث فيها شيء من الضعف في سندها أو في وجه دلالتها على دعواهم، وهذا لا يضرهم في ثبوت أصل مطلوبهم، فإنهم ذكروا ذلك على سبيل الاستئناس والاستشهاد، لا على سبيل الاحتجاج والاعتماد.
من ذلك ما يذكره بعض العلماء من الأحاديث في مقام تحريم الغناء والاستماع إليه بعد إثباته بالأدلة الصحيحة، فلا يضر الطعن فيما ذكر تبعا في ثبوت التحريم بما استدلوا به أولا وأصالة، من الأدلة الصحيحة، فمن ذلك: ما رواه الحكيم الترمذي عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يستمع الروحانيين في الجنة» . والثاني: ما رواه ابن عساكر عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استمع إلى قينة صب