للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإمساك عما شجر بينهم فلا يقال بالعصمة لطائفة والتأثيم لأخرى، بخلاف أهل البدع من الشيعة والخوارج الذين غلوا من الجانبين، طائفة عصمت، وطائفة أثمت فتولد بينهم من البدع ما سبوا له السلف، بل فسقوهم وكفروهم إلا قليلا كما كفرت الخوارج عليا وعثمان واستحلوا قتالهم، وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق (١) » فقتلهم علي وهم المارقة الذين خرجوا على علي وكفروا كل من تولاه وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن بن علي «إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين (٢) » فأصلح به بين شيعة علي ومعاوية، فدل على أنه فعل ما أحبه الله ورسوله، وأن الفئتين ليسوا مثل الخوارج الذين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتالهم؛ ولهذا فرح علي بقتاله للخوارج وحزن لقتال صفين والجمل وأظهر الكآبة والألم، كما يجب تبرئة الفريقين والترحم على قتلاهما؛ لأن ذلك من الأمور المتفق عليها، وأن كل واحدة من الطائفتين مؤمنة وقد شهد لها القرآن بأن قتال


(١) أحمد (٣ / ٣٢، ٤٨) ، ومسلم (١٠٦٥) ، وأبو داود برقم (٤٦٦٧) .
(٢) أحمد (٥ / ٣٨، ٤٤، ٥١) ، وفي [فضائل الصحابة] برقم (١٣٥٤، ١٤٠٠) ، والبخاري [فتح الباري] برقم (٢٧٠٤، ٣٦٢٩، ٣٧٤٦، ٧١٠٩) ، وأبو داود برقم (٤٦٦٢) ، والترمذي برقم (٢٧٧٥) ، والنسائي في [المجتبى] (٣ / ١٠٧) ، وعبد الرزاق في [المصنف] (١١ / ٤٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>