هذه الكلمة الشركية؛ لأنها تفيد النفي لا الإثبات، ولأنها تفيد أن الشيطان ألقى في أمنيته: أي تلاوته، وليس فيها أن الشيطان ألقى على لسانه تلك الكلمات الشركية، أو ألقاها في نفسه فتلاها أو قرأها أو تكلم بها سهوا أو غلطا أو قصدا حتى جاء جبريل وأنكر عليه وأصلح له ما أخطأ فيه، وأسف صلى الله عليه وسلم أسفا شديدا على ما فرط منه، ولم يثبت أن الآية نزلت تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم فيما أصيب به مما ذكر في هذه القصة حتى يكون مساعدا على تأويلها بما جاء فيها من المنكرات.
وقد وافق جمهور أهل السنة ابن العربي فيما ذكره، وذكروا أن معنى الآية: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تلا ما أنزلنا عليه من الوحي أو تكلم به ألقى شيطان الإنس أو الجن أثناء تلاوته أو خلال حديثه وكلامه قولا يتكلم به الشيطان ويسمعه الحاضرون، أو يوسوس الشيطان وساوس يلقيها في نفوس الكفار ومرضى القلوب من المنافقين فيحسبها أولئك من الوحي وليست منه، فيبطل الله ما ألقى الشيطان من القول أو الشبه والوسوسة ويزيله، ويحق الحق بكلماته لكمال علمه، وبالغ حكمته، وهذه سنة الله مع رسله وأنبيائه وأعدائه وأعدائهم، ليتم معنى الابتلاء والامتحان ويميز الخبيث من الطيب، ليهلك من هلك بما ألقى الشيطان من الكفار ومرضى القلوب، ويحيى من حي عن بينة من أهل العلم واليقين الذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان وهدوا إلى صراط مستقيم.