المقدس بإقام الصلاة فيه ودراسة العلم به والقصد إليه لزيارته، وسعوا في تخريبه ورمي الأذى والقاذورات به؛ تنفيرا للناس من القصد إليه وعمارته بالعبادة، وذلك لشدة عداوتهم لليهود، واختار هذا الرأي ابن جرير الطبري؛ لدلالة ما قبل هذه الآية وما بعدها من الآيات عليه، إذ كان الخبر في ذلك عن اليهود والنصارى وعداوة بعضهم لبعض.
القول الثاني: أنها نزلت في مشركي مكة إذ صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سنة الحديبية عن المسجد الحرام، والمعنى لا أحد أشد اعتداء وجراءة على الله من مشركي مكة ومن والاهم، إذ منعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه سنة عمرة الحديبية عن المسجد الحرام؛ أنفة وكبرا وسعوا جهودهم في تخريبه بالعبادات الشركية، وإخلائه من عبادة الله وحده صلاة وطوافا وحجا وعمرة وإن لم يخربوا بنيانه، فإن حرمان من هو أهل لعمارته وأحق بأداء النسك والعبادة فيه ومن هو أولى بخدمته من الدخول فيه أشد تخريبا من التخريب الحسي، إذ هو تعطيل لأعظم مسجد في الأرض وأول بيت وضع للناس عن إقامة الشعائر على الوجه الصحيح فيه مع أنه بني من أجل عمارته بذلكم، واختار هذا القول ابن كثير، وأيده بما ورد من الآثار في سبب نزول الآية، وبقوله تعالى:{وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}(١)