للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة، ولا يقال: إن هذا محرم ونجس إلا بدليل، ولا تلازم مطلقا بين الحرام والنجس، فكل نجس حرام، وليس كل حرام نجسا. وقد دل القرآن على تحريم الدم مطلقا ومقيدا، والمطلق يحمل على المقيد قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (١) ، وقال تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مسفوحا} (٢) الآية. فأطلق الدم في الآية الأولى وقيده بالمسفوح في الآية الثانية. قال القرطبي: (اتفق العلماء على أن الدم حرام نجس لا يؤكل ولا ينتفع به) ، وقال أيضا: (ذكر الله سبحانه وتعالى الدم ههنا مطلقا وقيده في الأنعام بقوله {مَسْفُوحًا} (٣) .

وحمل العلماء ههنا المطلق على المقيد إجماعا فالدم هنا -أي في سورة البقرة- يراد به المسفوح؛ لأن ما خالط اللحم فغير محرم بإجماع، وكذلك الكبد والطحال مجمع عليه) . انتهى المقصود.

وبهذا يعلم أن الدم الذي يصيب بشرة الإنسان وثيابه من الدم الذي بين اللحم ليس بنجس؛ لأنه ليس مسفوحا، لكن الأولى بالمسلم أن يتنظف من ذلك لقذارته، ولئلا يتهم بالجفاء والتلطيخ


(١) سورة المائدة الآية ٣
(٢) سورة الأنعام الآية ١٤٥
(٣) سورة الأنعام الآية ١٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>