للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: قول الإنسان: (بحق فلان) يحتمل أن يكون قسما - حلفا- بمعنى: أقسم عليك بحق فلان، فالباء باء القسم، ويحتمل أن يكون من باب التوسل والاستعانة بذات فلان أو بجاهه، فالباء للاستعانة، وعلى كلا الحالتين لا يجوز هذا القول.

أما الأول: فلأن القسم بالمخلوق على المخلوق لا يجوز، فالإقسام به على الله تعالى أشد منعا، بل حكم النبي صلى الله عليه وسلم بأن الإقسام بغير الله شرك فقال: «من حلف بغير الله فقد أشرك (١) » رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه.

وأما الثاني: فلأن الصحابة رضي الله عنهم لم يتوسلوا بذات النبي صلى الله عليه وسلم ولا بجاهه لا في حياته ولا بعد مماته، وهم أعلم الناس بمقامه عند الله وبجاهه عنده وأعرفهم بالشريعة، وقد نزلت بهم الشدائد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته ولجأوا إلى الله ودعوه لكشفها، ولو كان التوسل بذاته أو بجاهه صلى الله عليه وسلم مشروعا لعلمهم إياه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يترك أمرا يقرب إلى الله إلا أمر به وأرشد إليه، ولعملوا به رضوان الله عليهم؛ حرصا على العمل بما شرع لهم وخاصة وقت الشدة، فعدم ثبوت الإذن فيه منه صلى الله علمه وسلم والإرشاد إليه وعدم عملهم به دليل


(١) أحمد (٢ / ٦٩، ٨٧، ١٢٥) ، وأبو داود (٣ / ٥٧٠) ، والترمذي (٤ / ١١٠) ، والحاكم (١ / ١٨، ٥٢) و (٤ / ٢٩٧) ، وابن حبان [موارد الظمآن] (ص ٢٨٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>