أصلا، أو يفعلها من احتاج إليها لضعف من كبر سن أو مرض أو ثقل بدن، فقال الشافعي وجماعة من أهل الحديث: إنها سنة، وهي إحدى الروايتين عن الإمام أحمد؛ لما رواه البخاري وغيره من أصحاب السنن عن مالك بن الحويرث أنه «رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا (١) » . ولم يرها أكثر العلماء؛ منهم: أبو حنيفة ومالك، وهي الرواية الأخرى عن أحمد رحمهم الله؛ لخلو الأحاديث الأخرى عن ذكر هذه الجلسة، واحتمال أن يكون ما ذكر في حديث مالك بن الحويرث من الجلوس كان في آخر حياته عندما ثقل بدنه صلى الله عليه وسلم أو لسبب آخر، وجمعت طائفة ثالثة بين الأحاديث بحمل جلوسه صلى الله عليه وسلم على حالة الحاجة إليه، فقالت: إنها مشروعة عند الحاجة دون غيرها، والأظهر هو أنها مستحبة مطلقا وعدم ذكرها في الأحاديث الأخرى لا يدل على عدم وجودها، ويؤيد القول باستحبابها أمران:
أحدهما: أن الأصل في فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه يفعلها ليقتدى به.
والأمر الثاني ثبوت هذه الجلسة في حديث أبي حميد الساعدي
(١) أخرجه البخاري ٢ / ٢٤٩ في صفة الصلاة باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض، وأبو داود ١ / ٥٢٧ برقم (٨٤٤) في الصلاة باب النهوض في الفرد، والترمذي رقم (٣٨٧) في الصلاة باب ما جاء كيف النهوض من السجود، والنسائي ٢ / ٢٣٣ - ٢٣٤ في الافتتاح باب الاستواء للجلوس عند الرفع من السجدتين.