للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا حدا الناس إليها غلوهم في الصالحين وأوقعهم فيها تجاوزهم الحد في تعظيم الأنبياء والمرسلين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغلو في الدين فقال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين (١) » رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم ولم يعهد هذا العمل عن الصحابة ومن بعدهم من خير القرون رضي الله عنهم مع تفرقهم في البلاد وبعدهم عن المدينة المنورة، وقد كانوا أعظم منا حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر تقديرا وأحرص على الخير وأتبع للدين، فلو كان هذا العمل مشروعا لما تركوه ولا أهملوه، بل هو ذريعة إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله. لذلك حذروه وصانوا أنفسهم عن الوقوع فيه، فعلينا معشر المسلمين أن نقفوا آثارهم ونسلك سبيلهم، فإن الخير في اتباع من سلف والشر في ابتداع من خلف، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من اتخاذ القبور مساجد، وذلك ببنائها عليها أو الصلاة عندها أو دفن الأموات فيها؛ خشية من الغلو في الصالحين وتجاوز الحد في تقديرهم فيفضي بهم ذلك إلى دعائهم من دون الله والاستعانة بهم في الشدائد، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه ألا يجعل قبره وثنا يعبد، ولعن اليهود والنصارى لاتخاذهم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، تحذيرا للمسلمين من أن يصنعوا مثل صنيعهم فيقعوا في مثل ما وقعوا فيه من البدع والوثنية.

هذا وإن تصوير قبور الصالحين في المساجد أو تعليقها على جدرانها أو اتخاذ الصالحين فيها في حكم


(١) سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٥٩) ، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٢٩) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>