صلى الله عليه وسلم لم يكن يجمع إلا في مسجد واحد، وكذلك الخلفاء بعده، ولو جاز لم يعطلوا المساجد، حتى قال ابن عمر: لا تقام الجمعة إلا في المسجد الأكبر الذي يصلي فيه الإمام، ولنا: أنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة، فجازت فيما يحتاج إليه من المواضع كصلاة العيد، وقد ثبت أن عليا رضي الله عنه كان يخرج يوم العيد إلى المصلى ويستخلف على ضعفة الناس أبا مسعود البدري فيصلي بهم، فأما ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة جمعتين فلغناهم عن إحداهما؛ لأن أصحابه كانوا يريدون سماع خطبته، وشهود صلاته، وإن بعدت منازلهم؛ لأنه المبلغ عن الله، وشارع الأحكام، ولما دعت الحاجة إلى ذلك في الأمصار؛ صليت في أماكن ولم ينكر فصار إجماعا، وقول ابن عمر يعني أنها لا تقام في المساجد الصغار، ويترك الكبار، وأما اعتبار ذلك بالحدود فلا وجه له.
قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: أي حد كان يقام بالمدينة، قدمها مصعب بن عمير وهم مختبئون في دار فجمع بهم وهم أربعون) . انتهى كلام ابن قدامة.
والقول بجواز تعدد الجمعة في البلد الواحد إذا دعت إلى ذلك الحاجة هو الصواب الموافق لقواعد الشرع المطهر، ولعمل المسلمين فيما مضى من الأعصار في جميع الأمصار التي يحتاج