للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج٣: سماع الأصوات من خواص الأحياء، فإذا مات الإنسان ذهب سمعه فلا يدرك أصوات من في الدنيا ولا يسمع حديثهم، قال الله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} (١) فأكد تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههم بالموتى، والأصل في المشبه به أنه أقوى من المشبه في الاتصاف، بوجه الشبه، وإذا فالموتى أدخل في عدم السماع وأولى بعدم الاستجابة من المعاندين الذين صموا آذانهم عن دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام وعموا عنها، وقالوا: قلوبنا غلف، وفي هذا يقول تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (٢) {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (٣) وأما سماع قتلى الكفار الذين قبروا في القليب يوم بدر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وقوله لهم: «هل وجدتم ما وعد ربكم حقا، فإنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقا (٤) » وقوله لأصحابه: «ما أنتم بأسمع لما أقول منهم (٥) » حينما استنكروا نداءه أهل القليب فذلك من خصوصياته التي خصه الله بها فاستثنيت من الأصل العام بالدليل، وهكذا سماع الميت قرع نعال مشيعي جنازته مستثنى من هذا


(١) سورة فاطر الآية ٢٢
(٢) سورة فاطر الآية ١٣
(٣) سورة فاطر الآية ١٤
(٤) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٣) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٧٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٨٢) .
(٥) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٧٣) ، سنن النسائي الجنائز (٢٠٧٥) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>