للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق مستحق يأخذه الدائن كيف أمكن بخلاف الموصي له، ولأن الدين كثيرًا ما يكون الشيء الذي أخذه الميت دليلاً عليه بخلاف الوصية، فبهذه الوجوه قدمت الوصية اعتناءًا بأمرها لا لتقدمها على الدين، ولفظة أو في الآية بمعنى الواو فإنهما أي الوصية والدين قد يجتمعان وقد لا يجتمعان.

قوله [وإن أعيان بني الأم] هذا دفع لشبهة أخرى وهو أنهم كانوا لا يعدون بالنساء قرابة وقد ورد لفظ الإخوة في آية الميراث مطلقًا فلا يتوهم بذلك إلغاء الأم (١) حتى يسوي بين العين والعلاتي، بل أعيان بني الأم مقدمون على بني العلات لقوة قرابة الأولين نسبة إلى الآخرين، وهذا إذا اجتمعت الفرقتان وأما إذا انفرد بنو العلات فلا ريب أنهم يأخذون. قوله [كيف أقسم مالي بين ولدي] المراد بذلك الأخوات (٢) فإن لفظ الولد قد يطلق على غير الولد من الصغار.


(١) ففي السراجي: ثم يرجحون بقوة القرابة أعني به أن ذا القرابتين أولى من ذي قرابة واحدة ذكرًا كان أو أنثى لقوله صلى الله عليه وسلم: إن أعيان بني الأم الحديث. قال القارئ: أي الإخوة والأخوات لأب واحد وأم واحدة من عين الشيء وهو النفيس منه. وقال بعض المحققين: أعيان القوم أشرافهم، وذكر الأم ههنا لبيان ما يترجح به بنو الأعيان على بني العلات وهم أولاد الرجل من نسبة شتى، سميت علات لأن الزوج قد عل من المتأخرة بعد ما نهل من الأولى، والمعنى أن بني الأعيان إذا اجتمعوا مع بني العلات فالميراث لبني الأعيان لقوة القرابة وازدواج الوصلة.
(٢) وذلك لأن جابرًا لم يكن له ولد إذ ذاك وكان له أخوات، جزم به الحافظ وغيره من شراح الحديث، ولذا قالوا إن قوله: نزلت يوصيكم الله وهم. قال الحافظ: قيل إنه وهم في ذلك، وإن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الأخيرة من النساء وهي {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} لأن جابرًا يومئذ لم يكن له ولد ولا والد، انتهى. وفي رواية لأبي داؤد اشتكيت وعندي سبع أخوات فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>