للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتل في تلك الفتنة لا من وقعت بسببه الفتنة فيخرج ممن حكم عليه بالنار عثمان وطلحة والزبير رضي الله عنهم ممن استشهد فيها لأن الفتنة إنما هاجت بسبب قتلهم لا أنهم قتلوا فيها.

قوله [اللسان فيها أشد من السيف] المراد باللسان الكلمة فإن كان (١) المراد بها الحق فالمعنى أن التكلم بالحق أشد فيها من احتمال ضرب السيوف لتمالؤ (٢) أهلها


(١) ومن حملها على الصفين ذكر لهذه الكلمة معنى ثالثًا، وهو أن ذكر أهل تلك الحرب بسوء يكون كمن حاربهم لأنهم مسلمون وغيبة المسلم إثم، بل أكثرهم كانوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سيما الصدرين الأعظمين الأميرين علي ومعاوية رضي الله عنهما، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا ذكر أصحابي فأمسكوا أي عن الطعن فإن رضا الله تعالى في مواضع من القرآن تعلق بهم ولهم حقوق ثابتة في الذمة، وقال عمر بن عبد العزيز: تلك دماء طهر الله أيدينا منها فلا نلوث ألسنتنا بها، قال النووي: كان بعضهم مصيبًا وبعضهم مخطئًا معذورًا في الخطأ لأنه كان بالاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه، وكان علي هو المحق المصيب في تلك الحروب، هذا مذهب أهل السنة، وكانت القضايا مشتبهة حتى أن جماعة من الصحابة فيها فاعتزلوا الطائفتين، ولو تيقنوا الصواب لم يتأخروا عن المساعدة، قال القارئ: والتحير لم يكن في أن عليًا أحق بالخلافة أم معاوية؟ لأنهم أجمعوا على ولاية علي، وإنما وقع النزاع بين معاوية وعلي في قتلة عثمان حيث تعلل معاوية بأني لم أسلم لك الأمر حتى تقتل أهل الفساد والشر ممن حاصر الخليفة وأعان على قتله، فإن هذا ثلمة في الدين وخلل في أئمة المسلمين، واقتضى رأي على أن قتل فئة الفتنة يجر إلى إثارة الفتنة التي تكون أقوى من الأولى مع عدم تعيين أحد منهم بمباشرة قتل الإمام، انتهى مختصرًا.
(٢) أي لاجتماعهم، قال المجد: تمالؤا عليه أي اجتمعوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>