للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الباطل، وإن كان المراد بها الباطل فالمعنى أن تأثيرات الألسنة أشد فيها من تأثيرات السيوف، ويكون هذا بيان المفسدين. قوله [وأنا انتظر الآخر] فإنه أخذ في الظهور ولم يستتم ظهوره بعد.

قوله [إن الأمانة نزلت في جذر إلخ] يعني إن الأمانة التي هي صفة (١) مقتضية أداء كل حق إلى صاحبه نزلت في أصل قلب الرجال فعلموا (٢) بمقتضاها القرآن والسنة والإيمان والأحكام، وأدوا كل ما عليهم من حقوق هذه الأشياء لاقتضاء الأمانة ذلك، وقد عرفت ظهور معنى الحديث ورأيته، ثم حدثني عن رفع الأمانة كيف ترفع فقال: يظهر تغير في الأمانات دفعة حتى أن الرجل أخذ في النوم (٣) وهو سالم الإيمان كامله حتى إذا استيقظ من نومه- وإن كان خفيفًا كما


(١) وفسر عامة شراح الحديث الأمانة في الحديث بالإيمان كقوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ} وقال الطيبي: إنما حملهم على هذا التفسير لقوله آخرًا: وما في قلبه من خردل من إيمان، فهلا حملوها على حقيقتها (وهي ضد الخيانة) لقوله: ويصبح الناس يتبايعون ولا يكاد أحد يؤدي الأمانة، فيكون وضع الإيمان آخرًا موضعها. تفخيمًا لشأنها وحثًا على أدائها، قال صلى الله عليه وسلم: لا دين لمن لا أمانة له، وقال النووي: الظاهر أن المراد بالأمانة التكليف الذي كلف الله به عباده، والعهد (الأزلي) الذي أخذه عليهم، وميل الحافظ في الفتح إلى حقيقة الأمانة إذ فسر تبويب البخاري باب رفع الأمانة بضد الخيانة، وقال في آخر الحديث: قوله من إيمان قد يفهم منه أن المراد بالأمانة في الحديث الإيمان، وليس كذلك بل ذكر ذلك لكونها لازمة الإيمان، انتهى.
(٢) وإن أريد بالأمانة المعنى المعروف ضد الخيانة فيكون المعنى علموا تأكدها بالقرآن والحديث.
(٣) قال القارئ: النومة إما على حقيقتها فما بعده أمر اضطراري، وإما كناية عن الغفلة الموجبة لارتكاب السيئة الباعثة على نقص الأمانة ونقص الإيمان، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>