للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدل عليه التعبير بالنومة- وجد قلبه قد تغير وأنكره، فلا يجد منه ما كان يجد قبل النوم من استعظام الذنوب وإيفاء الحقوق، لكن التغير بعد يسير لم يظهر أثره على ظاهره حتى يعرفه كل أحد، بل الفساد مكنون في القلب، وتأثيراته خفية لا تدركها كل أحد، فشبه ذلك بالوكت (١)، وهو تصلب الجلد بكثرة العمل بشيء صلب كالحديدة والخشبة، ففي الوكت لا تغير في ظاهر الجلد فإنما الفساد فيه مخفي يحس به إذا لمس الجلد وغمز، فإذا زاد أثر الرفع على ذلك أخذ ظهور أثره بحيث لا يكاد يخفي على أحد ممن رأى ذلك فشبهه بعد ذلك بالمجل (٢)، وهو أثر الحرقة على اليد وغيره إذا نفطت، ولذلك قال في بيانه: كالجمر إذا دحرجته على الرجل، وإنما لم يذكر اليد ههنا لما أن المتبادر منه الكف، والراحة لا تتأثر كتأثر غيرها من الأعضاء، وشبه ظهوره حينئذ بظهور النفطة فإنه يطلع عليها كل من رآه، ولذلك قال: فتراه منتبرأ- بتقديم النون على التاء المثناة الفوقانية، ثم يعدها الباء الموحدة- من النبر وهو الارتفاع، وهو مفتعل. قوله [ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله] هذا تصوير لدحرجة الجمر. قوله [حتى يقال إن في بني فلان] إشارة إلى قلة الأمناء.


(١) قال القارئ: بفتح الواو وإسكان الكاف وبالفوقية: الأثر اليسير كالنقطة في الشيء، وقال المجد: الوكتة النقطة والوكت التأثير والشيء اليسير. قلت: وكذلك عامة الشراح فسروا الوكت بالنقطة، والمجل بأثر العمل فتأمل.
(٢) قال القارئ: بفتح الميم وسكون الجيم وتفتح، هو أثر العمل في اليد، وقال المجد: مجلت يده نفطت من العمل فمرنت، والحافر نكبته الحجارة فبرئ وصلب، والمجلة فشرة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل جمعه مجل ومجال، وقال المجد: نبر الحرف همزه والشيء رفعه، ومنه المنبر، والنبرة الورم في الجسد، وقد انتبر وكل مرتفع من شيء، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>