للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: كن كابن آدم لدفع الفتنة، وحيث (١) رخص في القتل فقال: من قتل دون إلخ، وقال الفقهاء: إذا لم يكد يخلص نفسه إلا بالقتل فهو يقتل، فهو حيث لم يكن إلا قتله ولا تخشى فتنة، والحاصل أن الرجل إذا خاف فتنة في قتل من أراد قتله لا يقتله لدفع الفتنة، وإذا لم يكن فتنة بل كان قتله فحسب فله أن يقتله.

قوله [كقطع الليل المظلم] كأنه أراد بتشبيه المفرد (٢) بالقطع وهي جمع أن كل واحدة منها الشديدة السواد لتراكم الظلمات، لكنه لا يتمشى في لفظ الحديث إذا المشبه ثمة جمع كالمشبه به.

قوله [ماذا أنزل الليلة إلخ] أريها النبي صلى الله عليه وسلم أنها تنزل عن قريب فكأنها أنزلت، وإيقاظ أزواجه المطهرات لما أن المفر في الفتن والتوقي عن ملوث (٣) الدنيا إنما هو العبادة.

قوله [يا رب كاسية في الدنيا] إن من النساء من هي مكتسية في ما يبدو لنا بلباس (٤) التقوى، وليس لها لباس حقيقة من التقى فتكون عارية يوم القيامة


(١) يعني الموضع الذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم القتل، والذي رخص فيه الفقهاء هو موضع لا يكون فيه إلا مجرد القتل دون الفتنة التابعة للقتل.
(٢) يعني المصنف حيث بوب بلفظ الفتنة المفرد أما في الحديث فالمشبه أيضًا جمع.
(٣) يحتمل أن يكون من اللوث أو الملث، وكلاهما بمعنى الاختلاط، ولوث الماء كدره.
(٤) فقد قال عن اسمه {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} الآية، لا يقال: إنهم يحشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا كما في الصحيحين وغيرهما، فكيف تخصيص النساء أو الكاسية في الدنيا، والجواب أن محل حديث الباب بعد إعطاء الكسوة فإن أول من يكسي إبراهيم ثم يعطون الكسوة، فهذه الكاسيات عاريات إذ ذاك أيضًا، وهذه كله على الظاهر، وأوله القارئ بالنفوس فلا تخصيص بالنساء لكن الأوجه الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>