للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن أكسية الحشر على مقدار التلبس بالتقوى في الدنيا، أو المعنى يا رب كاسية في الدنيا بالثياب لا تجديها ثيابها نفعًا يوم القيامة، فتكون عارية ثمه، والتخصيص بالنسوة لكثرة الرياء فيهن كما في التوجيه الأول، أو لكثرة الفسوق والفجور فيهن وتزيين الأكسية والألبسة على ما هو مدار التوجيه الثاني.

قوله [يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي إلخ] يعني به سرعة الانتقال من رأي إلى رأي وتغيرًا فاحشًا بين إصباح الرجل وإمسائه.

قوله [يصبح محرمًا لدم أخيه إلخ] تعيين لأحد محتملات الحديث، ومعناه على ما مر من أن صنعته تلك شبيهة بصنيع الكفرة، أو المعنى يستحله (١) فلا بعد حينئذ في الكفر نفسه.

قوله [فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا وأطيعوا إلخ] إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك والحق أن المولى إذا فسق انعزل كما هو عند الشافعي رحمه الله، أو استحق العزل كما ذهب إليه (٢) الإمام، فلم يكن الخروج عليه وعن طاعته بغاوة، بل حقًا يثابون عليه


(١) أي يكون يستحله على مفهومه الحقيقي، وأما على التوجيه الأول فيكون الاستحلال مجازًا عن معاملة الاستحلال، يعني يعامل بدم أخيه معاملة المستحل.
(٢) ففي الدر المختار: يكره تقليد الفاسق، ويعزل به إلا لفتنة، قال ابن عابدين: أشار إلى أنه لا تشترط عدالته، وعدها في المسايرة من الشروط، وعبر عنها تبعًا للغزالي بالورع قال: وعند الحنفية ليست العدالة شرطًا للصحة، فيصح تقليد الفاسق الإمامة مع الكراهة، وإذا قلد عدلاً ثم جار وفسق لا ينعزل، ولكن يستحب العزل إن لم يستلزم فتنة، ويجب أن يدعي له ولا يجب الخروج عليه، كذا عن أبي حنيفة، انتهى. وفي الدر المختار أيضًا: لو كان (القاضي) عدلاً ففسق بأخذها (أي الرشوة) أو بغير استحق العزل وجوبًا، وقيل: ينعزل وعليه الفتوى، وفي الفتح: اتفقوا في الإمارة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة لكن في أول دعوى الخانية الوالي كالقاضي، انتهى. وفي شرح العقائد: لا ينعزل الإمام بالفسق، وعن الشافعي رضي الله عنه ينعزل، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>