الروايات طافئة مهموزًا وبينها تناف، فالمهوز من طفئت النار، فكأن العين لما كانت طافئة فهي ممسوحة لا تبصر شيئًا، والناقص من طفى السمك على الماء فهو طاف، وهذا يستلزم خروج حدقتها من موضعها لكنها مبصرة بعد، فالجمع أن إحدى عينيه طافئة والأخرى طافية، وحيث ورد طافية بالياء فيمكن أن يكون مهموزًا قلبت همزتها ياء لكسرة ما قبلها.
قوله [الإيمان يمان] بينه (١) في الحاشية واستحسن الأستاذ أدام الله علوه
(١) ولفظها: قوله الإيمان يمان أصله يمنى حذف إحدى اليائين، وعوض عنها الألف، وقيل قدم إحداهما وقلبت فصار كقاض، كذا في المجمع، وصرفوا الحديث عن ظاهره من حيث أن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة، فقيل: المراد أن الإيمان بدأ من مكة، وهي من تهامة، وهي من أرض اليمن، ولذا يقال الكعبة اليمانية، أو لأن مكة يمانية باعتبار المدينة، وقيل قاله النبي صلى الله عليه وسلم بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد الحرمين، أو لأنهما يمانيتان باعتبار الشام، وقيل: أراد الأنصار لأنهم اليمانون في الأصل، وهم نصروا الإيمان والمؤمنين وآووهم فنسب الإيمان إليهم، ذهب إليه كثير من الناس، وهو أحسنها عند أبي عبيد أمام الغريب، قال النووي: ولا مانع من حمله على الحقيقة لأن من قوى في شيء نسب إليه، وهكذا كان حال الوفدين منهم لحديث: جاؤكم أهل اليمن أرق أفئدة، وإنما جاء حينئذ غير الأنصار، وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الإيمان، وحال الوافدين منه في حياته صلى الله عليه وسلم وفي أعقاب موته كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبهها ممن سلم قلبه وقوى إيمانه، فكانت نسبة الإيمان إليهم لذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفى له عن غيرهم، فلا منافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم: الإيمان في أهل الحجاز، ثم المراد بذلك الموجودين منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فإن اللفظ لا يقتضيه، هذا هو الحق في ذلك ونشكر الله تعالى على هدايتنا له، انتهى بزيادة عن النووي والفتح.