للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعين الخير والشر، فلم يقولوا نعم لأنهم لم يكونوا يعلمون أيهم يسمى خيرًا وأيهم شرًا، وقد كانوا يرون لتسمية النبي صلى الله عليه وسلم وقوله في أحد خيرًا أو شرًا تأثيرًا ظاهرًا وباطنًا (١)، فخافوا على أنفسهم أن يوسموا بسمة الشر فيخسروا في الدنيا والآخرة، إلا أنهم لما رأوا إصرار النبي صلى الله عليه وسلم على السؤال عن ذلك بدر أحد منهم إلى التسليم رائيًا أن المقدور واقع لا محالة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أرحم بهم من آبائهم وأمهاتهم فلا يفعل ما يسنضرون به.

قوله [إذا مشت أمتى المطيطاء (٢) إلخ] هذا لا يستلزم الفور في تسليط


(١) وكان كذلك كما يدل عليه الروايات الكثيرة منها ما في الشفاء قال لرجل يأكل بشماله: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع، قال: لا استطعت، فلم يرفعها إلى فيه، وقال لحم بن أبي العاص وكان يختلج بوجهه ويغمز: كذلك كن، فلم يزل يختلج حتى مات.
(٢) قال القارئ: بضم الميم وفتح المهملة الأولى وكسر الثانية ممدودة وتقصر بمعنى التمطي، وهو المشي فيه التبختر ومد اليدين، ويروى بغير الياء الأخيرة، ونصبه على أنه مفعول مطلق أي مشى تبختر، وقيل: إنه حال أي إذا صاروا في نفوسهم متكبرين، وعلى غيرهم متجبرين، وقوله أبناء فارس والروم بدل مما قبله وبيان له، قال الشراح: هذا الحديث من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عن المغيب ووافق الواقع خبره فإنهم لما فتحوا بلاد فارس والروم، وأخذوا أموالهم وتجملاتهم وسبوا أولادهم فاستخدموهم سلط الله قتلة عثمان حتى قتلوه، ثم سلط بني أمية علي بن هاشم ففعلوا ما فعلوا وهكذا، انتهى كلام القارئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>