قوله [رأيت الناس إلخ] لا يذهب عليك أن اللام فيه ليس للاستغراق بل المراد بذلك بعض من أمته ليس (١) فيه أبو بكر.
(١) على أنه ليس في الحديث كلمة حصر، وتخصيص يخرج غيره، وقد قال الحافظ: والجواب تخصيص أبي بكر من عموم قوله عرض على الناس، فلعل الذين عرضوا إذ ذاك لم يكن فيهم أبو بكر، وإن كون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر قميص أطول منه وأسبغ، فلعله كان كذلك إلا أن المراد كان حينئذ بيان فضيلة عمر فاقتصر عليها، قال القارئ: قوله ومنها ما دون ذلك، أي قمص أقصر منه أو أطول منه أو أعم، بناء على أن دون ذلك بمعنى غير ذلك، لقوله تعالى {وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ} وفي فتح الباري: يحتمل أن يريد دونه من جهة السفل وهو ظاهر فيكون أطول، ويحتمل أن يريد دونه من جهة العلو فيكون أقصر، ويؤيد الأول ما في رواية الحكيم الترمذي من طريق آخر عن ابن المبارك عن يونس عن الزهري في هذا الحديث: فمنهم من كان قميصه إلى سرته، ومنهم من كان قميصه إلى ركبته، ومنهم من كان إلى إنصاف ساقيه، وقوله الدين بالنصب أي أولته الدين، وفي نسخة بالرفع أي المؤول به الدين، والمعنى يقام الدين في أيام خلافته مع طول زمان إمارته وبقاء أثر فتوحاته، أو لأن الدين يشيد الإنسان ويحفظه ويقيه المخالفات كوقاية الثوب وشموله، قال النووي: القميص الدين، وجره يدل على بقاء آثاره الجميلة وسنته الحسنة في المسلمين، انتهى. قلت: ومما يشير إلى أن أبا بكر لا يذكر في هذه المواضع لما أنه يفوق منها بمراحل ما أخرجه صاحب المشكاة برواية رزين عن عائشة قالت: بينا رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجري في ليلة ضاحية إذ قلت: يا رسول الله هل يكون لأحد من الحسنات عدد نجوم السماء؟ قال: نعم عمر، قلت: فأين حسنات أبي بكر؟ قال: إنما جميع حسنات عمر كحسنة واحدة من حسنات أبي بكر.