للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث الثاني قرينة على أن إقدامه على الشهادة من غير استشهاد مبني على كذبه، أو هو مبني على الشر، وإن كان صدقًا في الواقع.

قوله [لا تجوز شهادة خائن (١) ولا خائنة] النظر إلى مجموع (٢)


(١) قال القارئ: أي المشهور بالخيانة في أمانات الناس دون ما ائتمن الله عليه عباده من أحكام الدين، كذا قاله بعض علمائنا من الشراح، قال القاضي: ويحتمل أن يكون المراد به الأعم منه، وهو الذي يخون فيما اتئمن عليه، سواء ما ائتمنه الله عليه من أحكام الدين أو الناس من الأموال، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} فالمراد بالخائن هو الفاسق، وهو من فعل كبيرة أو أصر على الصغائر، انتهى.
(٢) كما يدل عليه رد شهادة الخائن للفسق، وكذا المحدود، وكما يدل رد شهادة ذي الغمر والمجرب والقانع، لا سيما الظنين في الولاء للتهمة، فتهمة الوالد للولد أكثر من تهمة هؤلاء الأربع، قال ابن رشد في البداية: والنظر في الشهود في ثلاثة أشياء: في الصفة، والجنس، والعدد، أما عدد الصفات المعتبرة في قبول الشاهد بالجملة فهي خمسة: العدالة، والبلوغ، والإسلام، والحرية، ونفى التهمة، وهذه منها متفق عليها، ومنها مختلف فيها، فأما العدالة فإن المسلمين اتفقوا على اشتراطها في قبول شهادة الشاهد لقوله تعالى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} واختلفوا فيما هي العدالة، ثم بسط الاختلاف، وقال: اتفقوا على أن شهادة الفاسق لا تقبل لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} الآية، ثم قال: وأما التهمة التي سببها المحبة، فإن العلماء أجمعوا على أنها مؤثرة في إسقاط الشهادة، واختلفوا في رد شهادة العدل بالتهمة لموضع المحبة أو البغضة التي سببها العداوة الدنيوية، فقال بردها فقهاء الأمصار، إلا أنهم اتفقوا في مواضع على إعمال التهمة، وفي مواضع على إسقاطها، وفي مواضع اختلفوا فأعملها بعضهم وأسقطها بعضهم، فما اتفقوا عليه رد شهادة الأب لابنه والابن لأبيه، وكذلك الأم لأبنها وابنها لها، ثم ذكر بعض فروع هذا الباب سيأتي بيان بعضها قريبًا، وقال: أما أبو ثور، وشريح، وداؤد، فإنهم قالوا: تقبل شهادة الأب لابنه فضلاً عمن سواه، انتهى مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>