للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغمر لا الشهادة يعني أن غمره لوجه (١) دنياوي، كذلك الإشارة في قوله ولا ذي غمر لأخيه ثابتة إلى أن الغمر لوجه دنياوي، وإلا فالإخوة لا تبقى دون ذلك.


(١) قال ابن رشد: أما اختلافهم في قبول شهادة العدو على عدوه فقال مالك والشافعي: لا تقبل، وقال أبو حنيفة: تقبل، انتهى. قلت: ما في عامة فروع الحنفية أنها لا تقبل شهادته، قال الزيلعي على الكنز: لأن المعاداة لأجل الدني حرام، فمن ارتكبها لا يؤمن من التقول عليه، أما إذا كانت العداوة دينية فتقبل، لأنها من التدين فتدل على قوة دنيه وعدالته، وهذا لأن المعاداة قد تكون واجبة بأن رأى فيه منكرًا شرعًا، ولم ينته بنهيه، والذي يوضح هذا المعنى أن المسلمين مجمعون على قبول شهادة المسلم على الكافر، والعداوة الدينية قائمة بينهما، انتهى. وهكذا في البحر، ثم قال ابن نجيم: إن المصرح به في غالب كتب أصحابنا، والمشهور على ألسنة فقهائنا ما ذكره المصنف من التفصيل، ونقل في القنية أن العداوة بسبب الدنيا لا تمنع ما لم يفسق بسببها، أو يجلب منفعة، أو يدفع بها عن نفسه مضرة، وهو الصحيح وعليه الاعتماد، ثم بسط الكلام على ذلك، وأجاب عن الحديث بأنه يمكن حمله على ما إذا كان غير عدل بدليل أن الحقد فسق للنهي عنه، ثم قال: وقد ذكر ابن وهبان تنبيهات حسنة لم أرها لغيره، الأول الذي يقتضه كلام صاحب القنية والمبسوط أنا إذا قلنا: إن العداوة قادحة في الشهادة تكون قادحة في حق جميع الناس لا في حق العدو فقط، وهو الذي يقتضيه الفقه، فإن الفسق لا يتجزأ حتى يكون فاسقًا في حق شخص عدلاً في حق آخر، انتهى. وفي الفتاوى الخير سئل في جماعة بينهم وبين شخص عداوة دنيوية هل تقبل شهادتهم عليه؟ أجاب لا تقبل شهادتهم عليه للتهمة مطلقًا ولا على غيره حيث كانت فسقًا لأن الفسق لا يتجزأ، ثم ذكر التنبيه الأول المذكور في كلام ابن وهبان وتعقبه، فقال: بل الظاهر من كلامهم أن عدم القبول للتهمة لا للفسق، ويؤيده ما في كلامهم أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل، فالتقييد بكونها على عدوه ينفي ما عداه، انتهى مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>