وأيضًا ففيه تعطيله عن مصالح دنياه وآخرته جوزي بأن قوله لا يعتبر أبدًا، وأيضًا فمبنى الجنايات على الخفاء ما أمكن الجاني كالزنا والسرقة وشرب الخمر، إلا القذف فمبناه على التشهير، وإلا فالقذف في موضع خال عن غير القاذف لا يفيد فجوزي على ذلك باشتهاره في سوءته.
قوله [ولا ذي غمر لاحنة ولأخيه (١)] وعلى الوجهين فاللام متعلق
(١) كلام الشيخ مبني على النسختين، واختلفت نسخ الترمذي في هذا اللفظ، ففي النسخة المصرية ((ولا ذي عمر لأخيه)) وفي النسخ الهندية ((لاحنة))، وجمع الشيخ كلتا النسختين تعميمًا وتوضيحًا للمعنى، وفي الحواشي الهندية عن اللمعات: قوله لاحنة، هكذا وقع، والصواب ولا ذي غمر لأخيه بالياء، وقد ذكره الدارقطني وصاحب الغريبين بلفظ يدل على صحة هذا، وهو إلا ذي غمر لأخيه، قلت: أكثر ما روى ولا ذي غمر على أخيه، وهو الموافق للقياس، إلا أن يقال: اللام بمعنى على، انتهى. قلت: ولا يحتاج إلى تصريف اللام إلى معنى على في توجيه الشيخ، وهو أن يقال: إنه متعلق بالغمر، نعم يحتاج إذا قيل: إنه يتعلق بالشهادة كما لا يخفى، والحديث ذكره صاحب المشكاة عن الترمذي بلفظ: على أخيه بالياء، قال القارئ: أي قوله على أخيه أي المسلم، يعني لا تقبل شهادة عدو على عدو، سواء كان أخاه من النسب أو أجنبيًا، وعلى هذا إنما قال: على أخيه تليينًا لقلبه وتقبيحًا لصنيعه، انتهى. وما في النسخ الهندية من قوله لاحنة لم يذكر صاحب المجمع وغيره في هذا اللفظ هذا الحديث، نعم قال في شرح حديث آخر: وفي صدره إحنة أي حقد، وجمعها إحن وإحنات، والحنة والحنات لغة فيه، وقال المجد: الاحنة بالكسر الحقد والغضب، وقد أحن كسمع فيهما والمواحنة المعاداة، انتهى.