(٢) قال صاحب التلويج: إن ترك الحرام مما لا يثاب عليه ولا يعاقب، واعترض عليه بأنه واجب، والواجب يثاب عليه، وفي التنزيل {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} الآية، والجواب أن المثاب عليه فعل الواجب لا عدم مباشرة الحرام وإلا لكان لكل أحد في كل لحظة مثوبات كثيرة بحسب كل حرام لا يصدر عنه، ونهى النفس كفها عن الحرام، وهو من قبيل فعل الواجب، ولا نزاع في أن ترك الحرام بمعنى كف النفس عند تهيئ الأسباب وميلان النفس إليه مما يثاب عليه، انتهى. (٣) وقد ورد في الصحيحين وغيرهما برواية أبي هريرة مرفوعًا: ليس الغني عن كثرة العرض، ولكن الغني غني النفس. قال القارئ: أي الغنى الحقيقي غنى النفس عن المخلوق، والمعنى أن الغنى الحقيقي هو قناعة النفس بما أعطاه المولى والتجنب عن الحرص في الدنيا، فمن كان قلبه حريصًا على جمع المال فهو فقير في الحقيقة لأنه محتاج إلى طلب الزيادة، ومن كان له قلب قانع بالقوت راض بعطية مالك الملك فهو غني بقلبه مستغن عن الغير بربه، سواء كان في يده مال أو لا، إذ لا يطلب الزيادة، وسأل شخص السيد أبا الحسن الشاذلي عن الكيميا، فقال: كلمتان، أطرح الخلق عن نظرك واقطع طمعك عن الله أن يعطيك غير ما قسم لك، وقال السيد عبد القادر الجيلي: اعلم أن القسم لا يفوتك بترك الطلب، وما ليس بقسم لا تناله بحرصك في الطلب، فأصبر والزم الحال.