للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للسماء وحق إلخ] أي من خشيته (١) سبحانه وتعالى ثم بين أنه كيف لا يخشى وقد كثرت الملائكة وازدحمت، وخشيتهم منه سبحانه معلومة، فكأنه قال: حق لها الخشية لما أن ليس هناك إلا الخيفة والخائفون.

قوله [فقال يعني رجلاً] المراد أنه قال للميت رجل [بشر بالجنة] ووجه (٢) رده صلى الله عليه وسلم أن البشارة إنما تتحقق إذا لم يخالط الفرج شائبة ترح، ولعله يحاسب ويناقش على المباحات، فلم يبق صفوته خالية عن الكدر، وقد


(١) وقال الطيبي: إن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت، وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثمة أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى، قال القارئ: ما المحوج عن عدول كلامه صلى الله عليه وسلم من الحقيقة إلى المجاز مع إمكانه عقلاً ونقلاً، حيث صرح بقوله ((واسمع ما لا تسمعون)) مع أنه يحتمل أن يكون أطيط السماء صوتها بالتسبيح والتحميد والتقديس، ثم قوله ((ياليتني)) من قول أبي ذر كما رجحه الترمذي، وهكذا في نسخ المشكاة برواية أحمد والترمذي وابن ماجة: قال أبو ذر ياليتني إلخ، وهكذا حكى القارئ عن ابن ماجة، لكن النسخ التي بأيدي من ابن ماجة ليس فيها ((قال أبوذر)) بل أدرج في الحديث، قال القارئ: وقد علموا أنه بكلام أبي ذر أشبه، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بالله من أن يتمنى عليه حالاً هي أوضع مما هو فيه، ثم إنها مما لا تكون، انتهى.
(٢) قال القارئ قال الغزالي: وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كعبًا فسأل عنه فقالوا: مريض فخرج يمشي حتى أتاه. فلما دخل عليه قال: أبشر يا كعب! فقالت أمه: هنيئًا لك الجنة يا كعب! فقال: من هذه المتألية على الله؟ قال: هي أمي يا رسول الله! قال: وما يدريك يا أم كعب! لعل كعبًا قال ما لا يعنيه، أو منع ما لا يغنيه، ومعناه إنما تتهنأ الجنة لمن لا يحاسب ولا يعاقب، ومن تكلم فيما لا يعنيه حوسب عليه وإن كان مباحًا، فلا تتهنأ له الجنة مع المناقشة في الحساب، فإنه نوع من العذاب، وروى ابن أبي الدنيا وأبو يعلى عن أنس أيضًا قال: استشهد منا رجل يوم أحد فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت: هنيئًا لك يا بني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يدريك لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويمنع ما لا يضره، وقال القارئ أيضًا في أول الحديث: قوله (أو لا تدري) بفتح الواو على أنها عاطفة على محذوف، أي تبشر ولا تدري، أو أتقول هذا ولا تدري ما تقول، أو على أنها للحال، أي الحال أنك لا تدري، وفي نسخة بسكونها وهي رواية، فأو عاطفة على مقدر أيضًا، أي أتدري أنه من أهلها أو لا تدري، والمعنى بأي شيء علمت ذلك، أو كيف دريت، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>