للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعله المحصور فيه الحق والصواب، ولا يبعد أن (١) في توجيه العبارة: أن المراد بالمصيبة ههنا ما يصيب من نقص في الأموال، والمفضل عليه محذوف، لكن جملة (لو أنها أبقيت لك) داخلة في المفضل عليه، والمعنى كونك أرغب في ذهاب الشيء الذي أصبت بفقدها من كونها لو أنها أبقيت لك ولم تذهب، وإطلاق المصيبة على الشيء المفقود المصاب به غير قليل، فقد ورد في الحديث: اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، فقد سأل خيرًا من المصيبة، وههنا لا يصح من المصيبة إلا المعنى الأخير، وعلى هذا فالحديث بيان لنعمتي الصبر والشكر، وموافق لما ورد من أن لا يفرح بموجود كما في الجملة الأولى، ولا يساء بمفقود كما في الجملة الثانية، والله أعلم بالصواب.

قوله [وهو يقول ألهكم إلخ] أي حين (٢) وصلت إلى مجلسه صلى الله عليه وسلم ألفيته صلى الله عليه وسلم يفسر قوله تعالى {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١)} أي طلب (٣) الكثرة على الآخر، سواء كان في القول بأن يقول كل: مالي أكثر من مالك، ورجالي أكثر من رجالك،


(١) وكلا التوجيهين أحسن مما قال القارئ: (وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها) بصيغة المجهول (أرغب فيها) أي في حصول المصيبة (لو أنها) أي لو فرض أن تلك المصيبة (أبقيت لك) أي منعت لأجلك وأخرت عنك، فوضع أبقيت موضع لم تصب، وجواب لو ما دل عليه ما قبلها، وخلاصته أن تكون رغبتك في وجود المصيبة لأجل ثوابها أكثر من رغبتك في عدمها، انتهى. ففي هذا التوجيه غير معنى أبقيت بخلاف توجيهي الشيخين، انتهى.
(٢) ولفظ مسلم بسنده عن مطرف عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ إلهاكم التكاثر، الحديث.
(٣) قال القارئ: قوله إلهاكم التكاثر، أي أشغلكم طلب كثرة المال، وقوله: مالي مالي، أي يغتر بنسبة المال تارة ويفتخر به أخرى، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>