للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسه (١) سكينًا. قوله [ما أشبع من طعام] إلا يحضرني البكاء إلا أني أضبطه، ولو شئت أن أبكي لبكيت، وإنما قلنا إنه يحضرها البكاء لأن البكاء ليس اختياريًا إلا بعد الحضور (٢).

قوله [مرتين في يوم] هذا لا يقتضي شبعه مرة حتى يخالف ما سيأتي من الحديث. قوله [ثلاثًا تباعًا (٣) من خبز البر] هذا كالذي قبله في أنه لا يقتضي شبعه يومين متتابعين. قوله [على خوان (٤)] هو ماله قوائم، وقوله [مرققًا] هم ما يسمونه جباتي.

قوله [ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم] النفي لعله مبالغة في نفي الأكل، ولا مانع من الحمل على حقيقته.

قوله [أهراق دمًا إلخ] وقد كانت (٥) وقعت قضية بين المؤمنين والكافرين


(١) هكذا في المنقول عنه، والظاهر «من عيشه مسكينًا» وهو إشارة إلى ما تقدم قريبًا من دعائه صلى الله عليه وسلم: اللهم أحيني مسكينًا، وأمتني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين، الحديث.
(٢) وما أفاده الشيخ وجيه لأن قولها: فأشاء أن أبكي، لا يتفرع إلا على هذا، وإليه أشار القاري في شرح الشمائل إذ قال: فأشاء أن أبكي بأن لا أدفع البكاء عن نفسي، انتهى.
(٣) بكسر المثناة الفوقية وخفة موحدة، أي ولاء، كذا في المجمع.
(٤) قال القاري في شرح الشمائل: المشهور فيه كسر المعجمة، ويجوز ضمها، وهو المائدة ما لم يكن عليه طعام، والصحيح أنه اسم أعجمي معرب، ويطلق في المتعارف على ما له أرجل ويكون مرتفعًا عن الأرض، واستعماله لم يزل من دأب المترفين وصنيع الجبارين، لئلا يفتقروا إلى خفض الرأس عند الأكل، فالأكل عليها بدعة لكنها جائزة، انتهى.
(٥) قال القاري في شرح الشمائل: (قوله وما في سبيل الله) أي من شجة شجها لمشرك، كما رواه ابن إسحق أن الصحابة كانوا في ابتداء الإسلام على غاية من الاستخفاء وكانوا يستخفون بصلاتهم في الشعاب، فبينما هو في نفر منهم في بعض شعاب مكة ظهر عليهم مشركون وهم يصلون، فعابوهم واشتد النفاق بينهم، فضرب سعد رجلاً منهم بلحي بعير فشجه، فكان أول دم أريق في الإسلام، وهكذا قال المناوي وزاد: ولم ينقل أن سعدًا أول من قتل نفسًا في سبيل الله، ولو وقع لأنه مما تتوفر الدواعي لنقله، انتهى. قوله (لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله) قال ميرك: ذكر أكثر أهل السير أن أول غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم الأبواء على رأس اثنى عشر شهرًا من مقدمة المدينة يريد عير القريش، وروى ابن عائد في مغازيه من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ الأبواء بعث عبيدة بن الحارث وعقد له النبي صلى الله عليه وسلم لواء، وهو أول لواء، فلقوا جمعًا كثيرًا من قريش، قيل أميرهم أبو سفيان، فتراموا بالنبل، فرمى سعد ابن أبي وقاص بسهم، فكان أول من رمى بسهم في سبيل الله، ذكره ميرك، وخالفه ابن حجر حيث قال: لم يقع بينهم قتال، قال القاري: ومن المعلوم أن من حفظ حجة على من لم يحفظ، ولا يبعد أن يكون المراد نفي القتال المعروف، فلا ينافي رمي واحد من جانب، انتهى. وقال الحافظ في الفتح: كان ذلك في سرية عبيدة بن الحارث، وكان القتال فيها أول حرب وقعت بين المشركين والمسلمين، وهي أول سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الأولى من الهجرة، فتراموا بالسهام، ولم يكن بينهما مسابقة، فكان سعد أول من رمى، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>