(٢) يعني أن الحديث كان محتملاً لعدة معان ففسره بأحدها اختيارًا منه لهذا المعنى، قال القاري: قوله لك أجران أجر السر لإخلاصك، وأجر العلانية للاقتداء بك، أو لفرحك بالطاعة وظهورها منك، قيل: معناه فأعجبه رجاء أن يعمل من رآه بمثل عمله فيكون له مثل أجره، كما قال صلى الله عليه وسلم: من سن سنة حسنة الحديث، كذا في شرح السنة، والأظهر أن إعجابه بحسب أصل الطبع المطابق للشرع من أنه يعجبه أنه رآه أحد على حالة حسنة، ويكره أن يراه على حالة قبيحة مع قطع النظر عن أن يكون ذلك العمل مطمحًا للرياء والسمعة، فيكون من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم: من سرته حسنته وسائته سيئته فهو مؤمن، وقد قال عز اسمه: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ} قال الحافظ تحت حديث من سمع سمع الله الحديث: فيه استحباب إخفاء العمل الصالح، لكن قد يستحب إظهاره ممن يقتدى به على إرادته الاقتداء به، ويقدر ذلك بقدر الحاجة، قال ابن عبد السلام: يستثنى من استحباب إخفاء العمل من يظهر ليقتدي به أو لينتفع به ككتابه العلم، ومنه حديث سهل: لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي، قال الطبري: كان ابن عمر وابن مسعود وجماعة من السلف يتهجدون في مساجدهم ويتظاهرون بمحاسن أعمالهم ليقتدي بهم، قال: فمن كان إمامًا يستن بعمله عالمًا بما لله عليه، قاهرًا لشيطانه استوى ما ظهر من عمله وما خفى لصحة قصده، ومن كان بخلاف ذلك فالإخفاء في حقه أفضل، وعلى ذلك جرى عمل السلف، انتهى.