(٢) وهكذا وقع في أكثر الروايات فقد أخرج البخاري حديث أنس في الشفاعة ووقع في آخره: ثم أشفع فيحد لي حدًا، ثم أخرجهم من النار، قال الحافظ: كأن راوي هذا الحديث ركب شيئًا على غير أصله وذلك أن في أول الحديث ذكر الشفاعة في الإراحة من كرب الموقف، وفي آخره ذكر الشفاعة في الإخراج من النار، يعني وذلك يكون بعد التحول من الموقف والمرور على الصراط، وسقوط من يسقط في تلك الحالة، وهو إشكال قوي، وقد أجاب عنه عياض، وتبعه النووي بأنه وقع في حديث حذيفة بعد قوله: فيأتون محمدًا فيقوم فيؤذن له أي في الشفاعة، وترسل الأمانة والرحم فيقومان جنبي الصراط الحديث. قال عياض: فبهذا يتصل الكلام لأن الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها هي الإراحة من كرب الموقف، ثم تجيء الشفاعة في الإخراج، ثم بسط الحافظ الروايات الدالة على ذلك، وقال بعد ذكر الجمع في الموقف، الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المنافقين من المؤمنين، ثم حلول الشفاعة بعد وضع الصراط والمرور عليه قال: وبهذا تجتمع متون الأحاديث وتترتب معانيها، فكأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر. قلت، ويمكن الجواب أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم لما طلب تعجيل الحساب ليوم المحشر طلب أيضًا لأمته خاصة أدعية مخصوصة كما هو ظاهر دأبه صلى الله عليه وسلم من أدعيته العامة والخاصة الشاملة الكاملة، فعلى هذا يكون قوله صلى الله عليه وسلم: يا رب أمتي أمتي أحد الأدعية التي دعا بها في هذا الوقت ذكرها تطييبًا لقلوب أمته.