للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنن والصحاح المتداولة بين أيدي علمائنا، والظاهر أن فيها هاهنا حذفًا وتركًا لم يذكره الروايات بأسرها، وهو أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لهم في شفاعته بالحساب والخلاص من عرصة المحشر، ثم يقول بعد ذلك في أمته ويلتمس منه سبحانه وتعالى أن يغفر لهم، فهذا قوله: يا رب أمتي أمتي إلخ. قوله [كما بين مكة وبصري (١)]


(١) بضم الموحدة وسكون الصاد المهملة مقصورة بلد معروف بطرف الشام من جهة الحجاز، هكذا في الفتح، واختلفت الروايات في تقدير مسافة الحوض اختلافًا كثيرًا بسطها الحافظ، وحكى عن القرطبي أنه قال: ظن بعض القاصرين أن الاختلاف في قدر الحوض اضطراب وليس كذلك، ثم حكى الوجوه المختلفة في الجمع بينها، منها ما أفاده الشيخ، ومنها ما حكى عن القاضي عياض أنه من اختلاف التقدير، لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد اضطرابًا، وإنما جاء في أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة سمعوه في مواطن مختلفة، وكان صلى الله عليه وسلم يضرب في كل منها مثلاً بعد أقطار الحوض وسعته بما يسنح له من العبارة، ويقرب ذلك للعلم ببعد ما بين البلاد النائية بعضها من بعض لا على إرادة المسافة المحققة، ومنها ما قال النووي إنه ليس في ذكر المسافة القليلة ما يدفع المسافة الكثيرة، وحاصله أنه أخبر أولاً بالمسافة اليسيرة، ثم أعلم بالمسافة الطويلة فأخبر بها، كأن الله تفضل عليه باتساعه شيئًا بعد شيء قلت: وهذا الكلام في الحقيقة يتضمن ثلاث توجيهات كما لا يخفى، ومنها ما حكى الحافظ عن بعضهم أنه جمع الاختلاف بتفاوت الطول والعرض، ورد بما ورد زواياه سواء، ومنها ما جمع بعضهم باختلاف السر البطئي والسريع، قال الحافظ: وهو أولى ما يجمع به، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>