للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [ما آنية] لما لم يكن (١) لهم رضى الله عنهم تفتيش عن حقائق الأشياء سألوا صفاتها، وكثيرًا ما يورد لفظ ما في السؤال والمسؤول صفته، لكن النبي صلى الله عليه وسلم زاد على الجوب بيان مقدارها في الكثرة، والجواب إنما هو في قوله من آنية الجنة، فإنه كان في بيان صفاتها.

قوله [ولكن ارفع رأسك] فيه إشارة إلى علو رتبتهم فإن رفع الرأس يحتاج إليه إذ ذاك.

قوله [أبناء الذين ولدوا] من قبيل إضافة الموصوف إلى صفته، وإلا لم يدخل أبناء (٢) الصحابة فيهم، والمراد الأبناء الذين ولدوا إلخ.

قوله [سبقك بها عكاشة] ليس المراد ما فهمه (٣) الشراح هاهنا، بل المراد


(١) دفع إيراد يرد على ظاهر الحديث، وحاصله أن السؤال بلفظ ما يكون عن حقائق الأشياء كما عرف في محله، وعلى هذا فالجواب لا يطابق السؤال، وحاصل الدفع أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لا يتصدون حقائق الأشياء كما هو معروف من دأبهم، بل جل أسئلتهم تكون من أوصاف الشيء وعلاماتها، ولفظ ما قد يسأل به عن صفة الشيء أيضًا، فجوابه صلى الله عليه وسلم بأنها تكون عن آنية الجنة كاف في بيان الصفة، وهو جواب سؤالهم، ثم زاد النبي صلى الله عليه وسلم بيان عددها أيضًا تكميلاً للإفادة، فلله در الشيخ ما أجاد.
(٢) وإياهم أرادوا بكلامهم هذا كما يدل عليه رواية البخاري بلفظ: فأفاض القوم وقالوا: نحن الذين آمنا بالله واتبعنا رسوله، فنحن هم أو أولادنا الذين ولدوا في الإسلام؟ فإنا ولدنا في الجاهلية، الحديث. وفي رواية أخرى له: فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا بالله ورسوله ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، الحديث.
(٣) اختلفت الشراح في منشأ قوله صلى الله عليه وسلم، والمراد في كلام الشيخ بقوله ما فهمه الشراح كما جزم به في الإرشاد الرضى هو قولهم: كأنه لم يؤذن له صلى الله عليه وسلم في ذلك المجلس بالدعاء إلا لواحد، انتهى. ومعنى الحديث على مختار الشيخ سبقك عكاشة أي بهذه الصفات التي أدير الأمر عليها، قال الحافظ: اختلفت أجوبة العلماء في الحكمة في قوله: سبقك بها عكاشة، ثم بسطها فارجع إليه، وجملة ما قالوا في ذلك غير ما تقدم ما قيل: إنه كان منافقًا، وقيل: سأل عكاشة بصدق القلب فأجيب بخلاف الثاني، يعني سأل حرصًا على عكاشة، وقيل: أنكر صلى الله عليه وسلم حسمًا للتسلسل، وقيل: علم بالوحي الإجابة في عكاشة دون غيره، وقيل: كان في وقت سؤال الأول ساعة الإجابة وانقرضت في وقت الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>