للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [كأنهم يكتشرون (١) ولم يكونوا كاشرين إذ ذاك، إلا أنه كان ينتزع من سرورهم وكلامهم أنهم كانوا متقاربين بالضحك، وإنما صمتوا حين برز النبي صلى الله عليه وسلم، والمصلى (٢) هاهنا موضع الصلاة لا المعروف بيننا. قوله [أنا بيت الغربة] فأطلب لك جليسًا، وهكذا فيما بعده. قوله [وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر] شك من الراوي، والمذكور في الروايات إنما هما القسمان لا غير، ويعلم حال عصاة (٣) المؤمنين بدلالات النصوص.


(١) قال صاحب المجمع: الكشر ظهور الأسنان ويكتشرون أي يضحكون، والمشهور لغة الكشر، انتهى. وقال القاري: يكشترون أي يضحكون، ولعل التاء للمبالغة فيؤخذ منه أنهم جمعوا بين الضحك البالغ والكلام الكثير، انتهى مختصرًا. قلت: والصواب عندي ما أفاده الشيخ فإن لفظ كأنهم في الحديث ينفي حقيقة الكشر ولذا فسر الشيخ بما فسر، ولا يذهب عليك أن لفظ يكتشرون بتقديم الكاف على التاء في الترمذي، وكذا في المشكاة برواية الترمذي، وفي نفع القوت للمدمنتي يتكشرون بتقديم التاء على الكاف.
(٢) ولا يبعد بل الظاهر أن المراد مصلى الجنائز، ولفظ المشكاة: عن أبي سعيد قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة فرأى الناس كأنهم يكتشرون، قال القاري: الظاهر المتبادر من مقتضى المقام أنها صلاة جنازة لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم إذا رأى جنازة رئيت عليه كآبة أي حزن شديد وأقل الكلام، انتهى. قلت: ويؤيد ما حكى عن السيوطي برواية الطبراني عن أبي هريرة بنحو حديث الباب مختصرًا، ولفظه: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس إلى قبر الحديث.
(٣) ففي شرح العقائد: عذاب القبر للكافرين، ولبعض عصاة المؤمنين، ومنهم من لا يريد الله تعذيبه فلا يعذب، وتنعيم أهل الطاعة في القبر بما يعلمه الله تعالى ويريد. وسؤال منكر ونكير ثابت بالدلائل السمعية لأنها أمور ممكنة أخبر بها الصادق على ما نطقت به النصوص، قال تعالى {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} الآية، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: استنزهوا عن البول فإن عامة عذاب القبر منه، وقال صلى الله عليه وسلم: القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>